سورة الزلزلة - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزلزلة)


        


{إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ} حُرِّكت الأرض حركة شديدة لقيام الساعة، {زِلْزَالَهَا} تحريكها. {وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا} موتاها وكنوزها فتلقيها على ظهرها.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَقِيءُ الأرضُ أفلاذَ كبدها أمثال الأسطُوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتلُ فيقولُ: في هذا قَتَلْتُ، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قَطَعْتُ رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطِعتْ يدي، ثم يَدَعُونه فلا يأخذون منه شيئا». {وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا}؟ قيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} فيقول الإنسان: {ما لها}، أي تخبر الأرض بما عمل عليها.
أخبرنا أبو بكر محمد عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب، حدثنا يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال: «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن أخبارها أن تشهدَ على كل عبدٍ وأمةٍ بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل عليَّ يوم كذا وكذا كذا وكذا قال: فهذه أخبارها».


{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} أي: أمرها بالكلام وأذِن لها بأن تخبر بما عمل عليها. قال ابن عباس والقرظي: أوحى إليها.
ومجاز الآية: يوحِي الله، إليها، يقال: أوحى لها، وأوحى إليها ووحَّى لها، ووحَّى إليها، واحد. قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض، {أَشْتَاتًا} متفرقين فأخذ ذات اليمين إلى الجنة وآخذ ذات الشمال إلى النار، كقوله: {يومئذ يتفرقون} [الروم- 14]، {يومئذ يصدعون}. [الروم- 43]. {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} قال ابن عباس: ليروا جزاء أعمالهم، والمعنى: أنهم يرجعون عن الموقف فرقًا لينزلوا منازلهم من الجنة والنار. {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} وزن نملة صغيرة أصغر ما يكون من النمل. {خَيْرًا يَرَهُ} {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} قال ابن عباس: ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرًا أو شرًا في الدنيا إلا أراه الله إياه يوم القيامة، فأما المؤمن فُيَرى حسناته وسيئاته فيغفر الله سيئاته ويثيبه بحسناته، وأما الكافر فتردُّ حسناته ويعذبه بسيئاته.
قال محمد بن كعب في هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}: من كافر يرى ثوابه في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير، {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر.
قال مقاتل: نزلت هذه الآية في رجلين، وذلك أنه لما نزل: {ويطعمون الطعام على حبه} كان أحدهما يأتيه السائل فيستقلُّ أن يعطيه التمرة والكِسْرة والجوزة ونحوها، يقول: ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير كالكذبة والغيبة والنظرة وأشباه ذلك، ويقول: إنما وعد الله النارَ على الكبائر، وليس في هذا إثم، فأنزل الله تعالى هذه الآية يرغِّبهم في القليل من الخير أن يعطوه، فإنه يوشك أن يكثر، ويحذرهم اليسير من الذنب، فإنه يوشك أن يكثر، فالإثم الصغير في عين صاحبه أعظم من الجبال يوم القيامة، وجيمع محاسنه في عينه أقل من كل شيء.
قال ابن مسعود: أَحْكَمُ آيةٍ في القرآن {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميها الجامعةَ الفاذَّة حين سئل عن زكاة الحمر فقال: «ما أنزل عليَّ فيها شيءٌ إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره}».
وتصدق عمر بن الخطاب، وعائشة بحبة عنب، وقالا فيها مثاقيل كثيرة.
وقال الربيع بن خيثم: مر رجل بالحسن وهو يقرأ هذه السورة فلما بلغ آخرها قال: حسبي قد انتهت الموعظة.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا محمد بن القاسم، حدثنا أبو بكر محمد عبد الله، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا علي بن حجر، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا اليمان بن المغيرة، حدثنا عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{إذا زلزلت الأرض} تعدل نصف القرآن، {قل هو الله أحد}، تعدل ثلث القرآن، {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن».